مهرجان الرياض للمسرح يطرح ثنائية الحرب والسلام ويستحضر ذاكرة المكان في سادس أيامه
شهد اليوم السادس من مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثالثة – الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية – سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية التي جمعت بين العمق الفكري والتميز الفني.
وانطلقت الفعاليات بورشة عمل بعنوان “فن الارتجال المسرحي”، قدّمها الأستاذ خالد عمر، حيث تناول خلالها أسس وتطبيقات الارتجال المسرحي، مسلطًا الضوء على دوره في تطوير أساليب التعبير المسرحي وتعزيز قدرات الممثلين على التفاعل اللحظي مع المواقف الدرامية.
وضمن العروض المسرحية لليوم السادس، تألّقت مسرحية “ثكنة سلام” من تأليف وإخراج عبدالإله الصيخان، وأداء فرقة “دي بي هاوس”، في طرح درامي كثيف يستعرض تحوّل المنزل – بوصفه رمزًا للسكينة والأمان – إلى ثكنة عسكرية تُهمَّش فيها القيم الإنسانية، في معالجة فنية تُجسّد التناقض الصارخ بين مفهوم السلام وواقع الحروب.
وقدّم الناقد المسرحي أحمد المالكي قراءة تحليلية معمّقة، سلّط فيها الضوء على البنية الرمزية للنص، ومتانة الإخراج، ومدى توظيف الفضاء المسرحي بصريًا ودراميًا لخدمة الفكرة المركزية للعمل، مشيدًا بقدرة العرض على تجسيد الصراع بين الطمأنينة الإنسانية والاضطراب الناتج عن واقع الحرب، ضمن رؤية إخراجية اتسمت بالتماسك والوعي الجمالي.
وضمن البرنامج المسرحي، طُرحت مسرحية “الصرام”، من تأليف عبدالعزيز السماعيل وإخراج سلطان النوه، وأداء فرقة “اللقطة القريبة”، حيث تدور أحداثها في مزارع الأحساء خلال مرحلة اكتشاف النفط، مسلطةً الضوء على التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت كثيرًا من العاملين في الزراعة إلى التوجّه نحو شركات النفط، في مقابل التمسك بطقس “الصرام” (جني التمور) كعنصر محوري في الهوية المحلية.
وقدّم الناقد يحيى العلكمي قراءة نقدية تناول فيها البنية الدرامية للنص، وتوظيف الإخراج للعناصر التراثية، مشيرًا إلى قدرة العمل على استحضار تحوّلات المجتمع ضمن قالب بصري يحافظ على روح المكان.
وجاءت هذه الفعاليات امتدادًا لرؤية المهرجان في تنويع محتواه المسرحي وتقديم تجارب فنية تعكس التحولات الاجتماعية والثقافية في المشهد المحلي، مع حضور نوعي لفرق سعودية وعروض تحمل طابعًا فكريًا وجماليًا، تؤكد تنامي الحراك المسرحي في المملكة.